أدعية أيام الصيام


نزله عز كبريائه في آخر شهر الصيام

بسم الله الأقدم الأقدس

٥ سبحانك اللهم يا إلهي أسألك بالذي أظهرته وجعلت ظهوره نفس ظهورك وبطونه نفس بطونك، وبأوليته حقق أوليتك وبآخريته ثبت آخريتك وبقدرته وسلطانه شهد كل ذي قدرة باقتدارك وبعظمته شهد كل ذي عظمة بعظمتك وكبريائك وبقيوميته عرف قيوميتك وإحاطتك، وبمشيته ظهرت مشيتك وبوجهه لاح وجهك وبأمره ظهر أمرك وبآياته ملئت الآفاق من بدائع آيات سلطنتك والسماء من ظهورات عز أحديتك والبحار من لآلئ قدس علمك وحكمتك وزينت الأشجار بأثمار معرفتك، وبه سبحك كل شيء وتوجه كل الأشياء إلى شطر رحمانيتك، وأقبل كل الوجوه إلى بوارق أنوار وجهك وكل النفوس إلى ظهورات عز أحديتك، ما أعلى قدرتك وما أعلى سلطنتك وما أعلى اقتدارك وما أعلى عظمتك وما أعلى كبريائك الذي ظهر منه وأعطيته بجودك وكرمك. فيا إلهي أشهد بأن به ظهرت آياتك الكبرى وسبقت رحمتك الأشياء لولاه ما هدرت الورقاء وما غن عندليب السنآء في جبروت القضاء، وأشهد بأن من أول كلمة خرجت من فمه وأول نداء ارتفع منه بمشيتك وإرادتك انقلبت الأشياء كلها والسماء وما فيها والأرض ومن عليها، وبها انقلبت حقائق الوجود واختلفت وتفرقت وانفصلت وائتلفت واجتمعت وظهرت الكلمات التكوينية في عالم الملك والملكوت والظهورات الواحدية في عالم الجبروت والآيات الأحدية في عالم اللاهوت، وبذلك النداء بشرت العباد بظهورك الأعظم وأمرك الأتم فلما ظهر اختلفت الأمم وظهر الإنقلاب في الأرض والسماء واضطربت أركان الأشياء، وبه ظهرت الفتنة وفصلت الكلمة وبها ظهر الإمتياز بين كل ذرة من ذرات الأشياء وبها سعرت الجحيم وظهر النعيم، طوبى لمن أقبل إليك فويل لمن أعرض عنك وكفر بك وبآياتك في هذا الظهور الذي فيه اسودت وجوه مظاهر النفي وابيضت وجوه مطالع الإثبات يا مالك الأسماء والصفات، وفي قبضتك زمام الموجودات عما خلق بين الأرضين والسموات. فلك الحمد يا إلهي حمدًا حمدت به نفسك ولا يعرفه أحد دونك ولا يحصيه نفس سواك، أي رب أنت الذي عرفتني نفسك في أيام فيها غفل عبادك الذين بانتسابهم إلى نفسك حكموا على من على الأرض وافتخروا على الأمم وإني يا إلهي لو حكمت على شرق الأرض وغربها وملكت خزائنها كلها وأنفقت في سبيلك ما بلغت إلى هذا المقام إلا بحولك وقوتك، ولو أشكرك يا إلهي بدوام عز أحديتك وبقاء سلطنتك واقتدارك لا يعادل بذكر من الأذكار التي علمتني بفضلك وأمرتني بأن أدعوك وأذكرك به، فلما كان شأن ذكر من أذكارك هذا فما مقام من عرف نفسك وفاز بلقائك واستقام على أمرك؟ وإني بعين اليقين رأيت وبعلم اليقين أيقنت بأنك لم تزل كنت مقدسًا عن ذكر الموجودات ولا تزال تكون متعاليًا عن وصف الممكنات، لا ينبغي لك ذكر أحد إلا ذكرك أو ذكر مثلك وإنك كنت ولم تزل ولا تزال مقدسًا عن الشبه والمثل ومتعاليًا عن الكفو والعدل، فلما ثبت تقديس ذاتك عن المثلية وتنزيه نفسك عن الشبهية يثبت بأن الذكر من أي ذاكر كان يرجع إلى نفسه وحده ولا يرتقي إلى سلطان عز أحديتك ومقر قدس عظمتك، فما أحلى ذكرك ذاتك ووصفك نفسك، أشهد يا إلهي بأنك لا تزال ما نزلت على عبادك إلا ما يصعدهم إلى سماء قربك ومقر عز توحيدك، ووضعت الحدود بينهم وجعلتها مطلع عدلك ومظهر فضلك بين خلقك وحصن حمايتك بين بريتك لئلا يظلم أحد أحدًا في أرضك، طوبى لمن نهى النفس عن الهوى واتبع ما رقم من قلمك الأعلى حبا لجمالك وطلبًا لرضائك إنه ممن فاز بكل الخير واتبع الهدى، أي رب أسئلك باسمك الذي به عرفت نفسك عبادك وبريتك واجتذبت أفئدة العارفين إلى مقر عز وحدانيتك وأفئدة المقربين إلى مطلع ظهور فردانيتك بأن توفقني على الصيام خالصًا لوجهك يا ذا الجلال والإكرام. ثم اجعلني يا إلهي من الذين تمسكوا بسننك وحدوداتك خالصين لوجهك من دون أن يكونوا ناظرين إلى غيرك، أولئك كانت خمرهم ما خرج من فم مشيتك الأولى ورحيقهم ندائك الأحلى وسلسبيلهم حبك وجنتهم وصلك ولقائك لأنك كنت مبدأهم ومنتهاهم وغاية أملهم ورجائهم، عميت عين ترى ما لا تحب وانعدمت نفس تريد ما لا تريد، فيا إلهي أسئلك بنفسك وبهم بأن تقبل أعمالنا بفضلك وعنايتك ولو أنها لا تليق لعلو شأنك وسمو قدرك يا حبيب قلوب المشتاقين وطبيب أفئدة العارفين، فأنزل علينا من سماء رحمتك وسحاب إفضالك ما يطهرنا عن شائبة النفس والهوى ويقربنا إلى مظهر نفسك العلي الأبهى وإنك رب الآخرة والأولى وإنك على كل شيء قدير، صل اللهم يا إلهي على النقطة الأولى الذي به دارت نقطة الوجود في الغيب والشهود وجعلته مرجعًا لما يرجع إليك ومظهرًا لما يظهر منك وعلى حروفاته من الذين ما أعرضوا عنك واستقروا على حبك ورضائك وعلى الذين هم استشهدوا في سبيلك بدوام نفسك وبقاء ذاتك وإنك أنت الغفور الرحيم، ثم أسئلك يا إلهي بالذي بشرتنا به في كل ألواحك وكتبك وزبرك وصحفك وبه انقلب ملكوت الأسماء وظهر ما ستر في صدور الذين اتبعوا النفس والهوى بأن تجعلنا ثابتين على حبه ومستقيمين على أمره وموالي لأوليائه وأعادي لأعدائه، ثم احفظنا يا إلهي من شر الذين كفروا بلقائك وأعرضوا عن وجهك وأرادوا قتل مظهر نفسك يا إلهي وسيدي تعلم بأنهم ضيعوا أمرك وهتكوا ستر حرمتك بين بريتك وتمسكوا بأعدائك تضييعًا لأمرك وبغيًا على نفسك، أي رب خذهم بقهرك وقوتك ثم اهتك ما ستر به عيوبهم وشقوتهم ليظهر ما في صدورهم على أهل مملكتك يا منزل النقم وخالق الأمم وسابغ النعم لا إله إلا أنت العزيز الكريم. - بهاءالله