الصلاة والدّعاء غذاء الرّوح. فكما أن أجسادنا بحاجة إلی غذائها المادي كذلك تحتاج أرواحنا يوميّاً إلی الغذاء الروحيّ. وغذاء الروح هو الكلمة الإلهيّة ومناجاة الباري وإلاّ باتت أرواحُنا ضعيفة سقيمة محرومة من التقدّم والسموّ والتخلّق بأخلاق الله عزّ وجلّ.
والكلمة الإلهيَّة هي أكبر مؤثّرٍ علی قلب الإنسان ولها نفوذ عظيم علی مسير حياته وحياة من يدعو لهم. ورغم أن الإنسان يستطيع أن يستعمل كلماته وتعابيره الخاصّة في الدّعاء لکن للكلمة الإلهيّة المُنْزلة أو الموحى بها قوة خارقة خلاّقة لا تملکها أيّ كلمة أخری ولها جاذبيّة قويّة تميّزها عن کلام الإنسان العادي. وعندما تـنغمس نفوسنا في طيّات الكلمة الإلهيّة حين التأمل والدعاء نجدها قادرة بالتدريج علی التّخلّص من الرغبات الشخصية والصفات الماديّة في طريقها لتصبح نفساً راضية مرضية.
ويتضمّن الموقع بعض الأدعية والكلمات الإلهيّة المُنْزَلة علی حضرة بهاءالله ومبشّره حضرة الباب. ولقد أدرجنا أيضا بعض ما صدر من قلم حضرة عبدالبهاء، الابن الأرشد لحضرة بهاءالله والذي عيّنه مفسّراً ومبيّناً لآياته، ولحفيد حضرة عبدالبهاء، حضرة شوقي أفندي الذي عينه الولي الوحيد للدين البهائي، وذلك لحلاوة هذه الأدعية وعمق فحواها. نهدي هذه الأدعية المباركة للزوّار الكرام عسى أن تعينهم في تقرّبهم إلى الله عزّ وجلّ وتضرّعهم إليه وندعو للجميع بالتوفيق واستجابة الدعاء.
إن أداء الصلاة وتلاوة الدعاء والتأمّل والتفكر في الكلمة الالهية المُنْزَلة هي من الأحكام الإلهية التي يحثّنا حضرة بهاءالله - مؤسّس الدين البهائي - علی تطبيقها يومياً. فتلاوة الكلمات الإلهيّة يومياً لها أهمية بالغة لدرجة أنّها عُلّقت بالوفاء بعهد الله وميثاقه. يتفضل حضرة بهاءالله:
وللکلمة الإلهيَّة نفوذ عظيم في قلب المرء وعلی مسير حياته وحياة من يدعو لهم إذ إنّها تسمو بروح الإنسان وترقّيها ولها تأثير کبير علی العائلة والمجتمع حتى لو لم نلاحظ هذا التغيير على الفور:
ويضمّ موقعنا هذا مواضيع تتعلّق بالدعاء والتأمّل المعبّر عنهما بـ "المناجاة." فالدّعاء والتأمُّل هما في الحقيقة المجرّدة عناية إلهيّة كرّم الله بهما عباده المؤمنين في كلّ دين وحثّهم علی ذلك استدراراً لبركاته ورحمته. وبذلك منحنا فضله بالتكلّم اليه وبثّ همومنا وطلب عونه والتماس هدايته عندما نشعر بالضّيق والضّعف أمام ملمّات الحياة. ومخاطبةُ الحقّ تستدعي حالة خاصة ولغة خاصة. إنّها حالة من انجذاب الرّوح والانقطاع عن شؤون الدنيا. وعندما تكون قلوبُنا صافية وخالية من المشتهيات الماديّة يكون دعاؤنا اكثر تأثيراً ونشعر براحة النفس وطمأنينة البال وهي ما يُعبّر عنها بالسعادة الرّوحيّة - وهي أرقى درجات السّعادة. وكما يخبرنا حضرة عبدالبهاء فإنّ:
والوصول الی هذه الحالة يتطلّب من الإنسان جهداً يبذله بكلّ إخلاص وتفانٍ، وذلك بالتأمّل في عظمة الخالق وقدرته وفضله ورحمته. ويضيف حضرة عبدالبهاء بهذا الخصوص:
وفي هذا المقام يخبرنا حضرة بهاءالله بقوله:
وقد نتساءل: ما هي حكمة التضرّع والابتهال وبيانُ الإنسان حاجتَه والتماسُه العون ما دام الله قد قَدّرَ كلَّ شيء ويعلم كلَّ شيء؟ والله سبحانه وتعالی ليس بحاجة الی أدعيتنا، إلاّ أنّ ارتقاء أرواحنا يعتمد علی الصلاة والدّعاء لأنهما غذآء الرّوح. فكما أن أجسادنا بحاجة إلی غذآئها المادي كذلك أرواحنا فهي بحاجة دائمة إلی الغذاء الروحيّ - وهو هنا الكلمة الإلهيّة- لكي لا تمسي ضعيفة سقيمة محرومة من التقدّم والسموّ. لقد أخبرنا حضرة عبدالبهاء بهذا الخصوص بقوله:
إنّنا بدعائنا وانقطاعنا وتأمّلنا وتركيزنا ندعو، مع قوّتـنا المحدودة، قوّة غيبيّة إلهيّة غير محدودة لتعيننا وتساعدنا وتخفّف عنّا وطأة الحياة الماديّة كمن يحرّك بأنامِلِهِ الصغيرة قوّة عظمی تحلّق بالطائرة الضخمة الی الأعالي مخترقةً قانون الطبيعة، أو قوّة كافية لتحريك اكبر البواخر عبر البحار. فإذا ما واظب الإنسان علی تلاوة الأدعية والتأمّل في الكلمات الإلهيّة وخصّص لهما جزءاً هامّاً من حياته اليوميّة، امكنه حينذاك فهم أهمّيتهما وتقدير قوّة فعلهما.
ونقدّم على هذا الموقع بعض الأدعية والكلمات الإلهيّة المُنْزَلة علی حضرة بهاءالله ومبشّره حضرة الباب وكذلك ندرج بعض الأدعية ممّا صدر من قلم حضرة عبدالبهاء، ابن حضرة بهاءالله الأرشد ومبيّن تعاليمه. وتتـناول هذه الأدعية مختلف النواحي والأهداف. فمنها ما هو من أجل الشّفاء أو طلب التأييد والتّوفيق أو الاستقامة والتّـنزّه عن الدنيا وملاهيها ومنها ما هو من أجل السّلام العالمي أو الاتّحاد والاتّفاق أو قضاء الحاجات أو طلب المغفرة والغفران للأموات وما الی ذلك من مختلف نواحي الحياة. ويشمل الموقع ايضاً الصلاة البهائيّة والعديد من المواضيع الأخرى. ونرجو أن توفّر صفحات هذا الموقع ما يشرح صدوركم ويفرّح قلوبكم ويقرّبكم الى الله عزّ وجلّ.
ملاحظة: استعمل "منتخبات من کتاب بهاء الله والعصر الجديد"، الطبعة الاولی، مترجمة عن الطبعة الانجليزية الثالثة الصادرة عن مؤسسة النشر البهائية في ويلمت، الينوي سنة ۱۹۷۰.